قال المسيح إنه القيامة والحياة (يوحنا ١١: ٢٥)
مطالب المسيح لنفسه:
قال بعضهم: «نحن لا نطلب للكتاب المقدس أكثر مما يطلب الكتاب لنفسه». على هذا القياس لا ننسب إلى المسيح أكثر مما نسب المسيح إلى نفسه. فما هي مطالبه؟
قال المسيح عن نفسه إن له السلطان الكامل على مغفرة الخطايا (مرقس ٢: ١٠ ولوقا ٧: ٤٨) وفوق هذا قال أيضاً إن له السلطان في إعطاء امتياز إعلان مغفرة الخطايا إلى أتباعه (لدرجة محدودة) (متى ١٦: ١٩ ويوحنا ٢٠: ٢٣)
قال المسيح إنه القيامة والحياة (يوحنا ١١: ٢٥). وقوله هذا من باب المجاز المرسَل، أي من باب ذكر حقيقة الشيء في إحدى معلَّقاته. ومعنى القول هنا أن المسيح هو أصل القيامة، فكأنه قال: «أنا هو الذي أقيم وأنا هو الذي أُحيي». وهل يقول هذا إلا الله القادر على الإحياء والإماتة؟
قال المسيح إن له السلطان المطلق على إقامة الأموات (يوحنا ٥: ٢٥). فقال عن نفسه بصفته ابن الله «اَلْحَقَّ ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ ٱلآنَ، حِينَ يَسْمَعُ ٱلأَمْوَاتُ صَوْتَ ٱبْنِ ٱللّٰهِ، وَٱلسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ» (انظر أيضاً يوحنا ٥: ٢٨، ٢٩).
«قَالَ يَسُوعُ: «أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي... أَجَابَهُ ٱلْيَهُودُ... وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلٰهاً» (يوحنا ١٠: ٣٢-٣٨) «فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى ٱلآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ». فَمِنْ أَجْلِ هٰذَا كَانَ ٱلْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ ٱلسَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ ٱللّٰهَ أَبُوهُ، مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِٱللّٰهِ» (يوحنا ٥: ١٧، ١٨). ومن كلام المسيح هذا نرى أن الأشرار قاوموه لأنه جعل نفسه إلهاً، معادلاً نفسه بالله. وهذا يؤكد أن المسيح صرح بأنه إله، ولولا هذا التصريح ما قاوموه. ويؤكد أيضاً أنهم فهموا قصده حق الفهم.
آيات إيجابية من نصوص الكتاب المقدس:
شهادة بولس الرسول: «وَتَعَيَّنَ ٱبْنَ ٱللّٰهِ بِقُّوَةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ ٱلْقَدَاسَةِ، بِٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ: يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ رَبِّنَا» (رومية ١: ٤، ٩: ٥) «ٱلْمَسِيحُ ... ٱلْكَائِنُ عَلَى ٱلْكُلِّ إِلٰهاً مُبَارَكاً إِلَى ٱلأَبَدِ».
شهادة لوقا البشير: «وَحِينَ قَالَ هٰذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ»(لوقا ٢٤: ٤٠) ليصدّقوا أنه قام من الأموات بقدرة نفسه.
شهادة مرقس البشير: «أَخِيراً ظَهَرَ لِلأَحَدَ عَشَرَ وَهُمْ مُتَّكِئُونَ، وَوَبَّخَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ، لأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا ٱلَّذِينَ نَظَرُوهُ قَدْ قَامَ» (مرقس ١٦: ١٤).
شهادة متى في إنجيله عن حوادث القيامة (متى ٢٨: ١-١٠).
شهادة يوحنا في إنجيله أن توما اعترف بعد الاقتناع أن المسيح ربه وإلهه (يوحنا ٢٠: ١٩-٢٩).
النبوات العجيبة - ومنها:
(ميخا ٥: ٢) «أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمَِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي ٱلَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطاً عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ ٱلأَزَلِ». فهو يقول إن المولود سيُولد في بيت لحم، ولكنه في الوقت نفسه يقول إن مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل. فطبيعة المولود مزدوجة، لأنه بينما هو مولود في بيت لحم نرى في نفس الوقت أنه أزلي بلا بداية.
(إشعياء ٩: ٦) «لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ٱبْناً، وَتَكُونُ ٱلرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى ٱسْمُهُ عَجِيباً، مُشِيراً، إِلَهاً قَدِيراً، أَباً أَبَدِيّاً، رَئِيسَ ٱلسَّلامِ». فبينما هو ولد ومولود وابن، نرى في ذات الوقت أنه إله قدير وأب أبدي. فمن هو مزدوَج الطبيعة إلى هذه الدرجة البديعة، إلا المسيح ربّ النعمة والشريعة؟
(مزمور ٧٢: ٥) «يَخْشُونَكَ مَا دَامَتِ ٱلشَّمْسُ وَقُدَّامَ ٱلْقَمَرِ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ». فمن هو الملك المذكور في العدد الأول؟ ومن أعطي سلطاناً أن يُهاب ما دامت الشمس، إلا المسيح؟
قبول المسيح شهادة الآخرين وامتداحه لمقدِّميها ومنها:
(يوحنا ١٦: ٣٠) «اَلآنَ نَعْلَمُ أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَكَ أَحَدٌ. لِهٰذَا نُؤْمِنُ أَنَّكَ مِنَ ٱللّٰهِ خَرَجْتَ». فهذه هي شهادة التلاميذ أن المسيح عالم بكل شيء حتى خفايا القلوب، وأنه من الله خرج. وهذه الصفات لا تُطلق إلا على الله الحكيم العليم.
(يوحنا ٢٠: ٢٨) «أَجَابَ تُومَا: رَبِّي وَإِلٰهِي». هل المسيح انتهر توما أو وبَّخه حينما قال له: أنت ربي وإلهي؟ حاشا! بل أقرَّه على هذا الاعتراف بقوله: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ». لاحظوا أيضاً ما قاله الملاك الذي انتهر يوحنا ومنعه من السجود له (رؤيا ٢٢: ٩). فالملائكة لم يمكنهم أن يقبلوا السجود لأنفسهم، وكذلك بطرس الرسول لم يقبل سجود كرنيليوس (أعمال ١٠: ٢٥، ٢٦). ولكن المسيح قَبِل سجود الأعمى الذي شُفي كما هو مذكور في (يوحنا ٩: ٣٨). كما قَبِل نسبة الألوهية والربوبية إلى نفسه هنا، لأنه هو الذي أكّد القول «للرب إلهك تسجد».
(متى ١٦: ١٦) «فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: أَنْتَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ ٱلْحَي». وهذا هو جواب بطرس على سؤال المسيح.
تبادل الاشتراك في الصفات الإلهية:
نُسبت الصفات الإلهية تارة إلى الآب وطوراً إلى الابن، فلا مناص من النتيجة القاطعة أن يسوع هو الله، وهذا يظهر واضحاً من مراجعة إشعياء ٦: ٥، ٩، ١٠ بالمقابلة مع يوحنا ١٢: ٤١ .
(رؤيا ٢٢: ٣، ٤) «وَعَرْشُ ٱللّٰهِ وَٱلْحَمَلِ يَكُونُ فِيهَا، وَعَبِيدُهُ يَخْدِمُونَهُ. وَهُمْ سَيَنْظُرُونَ وَجْهَهُ، وَٱسْمُهُ عَلَى جِبَاهِهِمْ». وجه من هذا؟ وجه الله . ولكن انظر الشهادة الآتية:
(٢كورنثوس ٣: ١٨ مع ٤: ٦) «وَنَحْنُ جَمِيعاً نَاظِرِينَ مَجْدَ ٱلرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ - هُوَ ٱلَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ ٱللّٰهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ» فاذاً وجه الله هو وجه يسوع المسيح، وعلى هذا فيسوع المسيح هو الله.
(رؤيا ١: ٨) «أَنَا هُوَ ٱلأَلِفُ وَٱلْيَاءُ، ٱلْبِدَايَةُ وَٱلنِّهَايَةُ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ ٱلْكَائِنُ وَٱلَّذِي كَانَ وَٱلَّذِي يَأْتِي، ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ».
فيسوع هو الألف والياء والبداية والنهاية. والأول والآخِر، وهو يهوه إله إسرائيل كما هو مذكور في إشعياء ٤٤: ٦ . فاذا قابلتم إشعياء ٤٣: ٢٥ مع متى ٩: ٢ يتأكد لديكم أن يسوع المسيح هو يهوه القائل: «أَنَا أَنَا هُوَ ٱلْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي، وَخَطَايَاكَ لا أَذْكُرُهَا». وأنه هو ذات يسوع المسيح الذي قال للمفلوج في كفرناحوم: «ثِقْ يَا بُنَيَّ. مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». فهو يسوع المسيح، وهو يهوه، وهو الله.
(إشعياء ٦٢: ٥ مع مرقس ٢: ١٨، ١٩) «لأَنَّهُ كَمَا يَتَزَّوَجُ ٱلشَّابُّ عَذْرَاءَ يَتَزَّوَجُكِ بَنُوكِ. وَكَفَرَحِ ٱلْعَرِيسِ بِٱلْعَرُوسِ يَفْرَحُ بِكِ إِلَهُكِ - فَجَاءُوا وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا يَصُومُ تَلامِيذُ يُوحَنَّا وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ، وَأَمَّا تَلامِيذُكَ فَلا يَصُومُونَ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو ٱلْعُرْسِ أَنْ يَصُومُوا وَٱلْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ مَا دَامَ ٱلْعَرِيسُ مَعَهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَصُومُوا». فمن هو العريس إذاً؟ أليس هو يسوع المسيح دون سواه؟ (انظر يوحنا ٣: ٢٩)
خلاصة ما تقدم - إنه لا يوجد حلٌ للغز شخصية المسيح المزدوجة إلا الحل المعلَن المقبول في جميع الكنائس في كل العالم، وهو أن المسيح إنسان تام وإله تام في آنٍ واحد.
المراجع:
نداء الرجاء، إيمان المسيحي وواجباته، الطبعة الأولى، ١٩٩٥.