فالله يحبهم، أكثر مما نحبهم نحن. وهو يعرف أين هم، لأنه يعرف الذين هم له (2 تيموثاوس 2: 19).
من المؤكد أن المؤمن الحقيقي، معروف من إخوته لأن حياته وأقواله تشهد لإيمانه. لذلك فإن ذهابه وإن آلم نفوسهم، فإن تعزيات الله الحلوة سرعان ما تهدهد آلامهم، لأنهم يعلمون بأن عزيزهم قد انطلق إلى عند الرب. ولكن في بعض الأحيان، تخدعنا المظاهر. ولعلّنا في السماء سنفاجأ بغياب فلان الذي سبق أن رجحنا أن مكانه في فردوس الله.
وبالعكس سنرى هناك من سبق أن رجحنا ذهابه إلى جهنّم! ولعلنا نسينا أن برهة وجيزة تكفي لإنسان أن يؤمن فينال براً من إله خلاصه. والحق أننا لا نعلم ماذا يحدث في الفترة الأخيرة من العمر بين النفس وبين الله.
قيل عن بحار ظافر إنه حين غرقت سفينته استطاع وهو متشبّث بقطعة من الحطام، أن يسلّم حياته للرب. وحين أُنقذ أخبر بأنه آمن بالرب حقيقة. فلو أن هذا الرجل مات غرقاً لقال معارفه إنه ذهب إلى جهنّم. إذن لنحذر من محاولة كشف الحجب عن الذين ذهبوا.
فالله يحبهم، أكثر مما نحبهم نحن. وهو يعرف أين هم، لأنه يعرف الذين هم له (2 تيموثاوس 2: 19). فلنثق في رحمته وعدله، بانتظار اليوم العظيم الذي فيه سيماط اللثام عن كل شيء. بهذه الثقة نجد راحة لنفوسنا، عالمين أن الكلام عن الأموات والاهتمام بهم لا يغيّران شيئاً بالنسبة لمصيرهم.
ولنحذر من التحمس في أثناء الكلام عن ماضيهم كما فعلت إحدى سيدات المجتمع، إذ قالت: إن زوجي قد مات كافراً بالله. فإن لم يكن قد ذهب إلى السماء، فإنني أرفض الذهاب إليها! إن قولاً كهذا، يعتبر تهجّماً على الله، وتفضيل المخلوق على جلال خالقه. ولا ريب أن فيه تعريض عزته الإلهية للتحقير الشديد. وماذا سيكون موقف هذه السيدة، لو أن زوجها آمن بالله دون علمها، وذهبت هي وحدها إلى جهنّم؟!
أنا لا أقصد بهذه الأقوال إن ينتظر أحدنا اللحظات الأخيرة من العمر، لكي يؤمن ويخلص. لأن الموت يمكن أن يأتينا بغتة، قبل أن نفكر في الرجوع إلى الله. والكتاب العزيز في إنذاراته لم يهمل هذه الحقيقة. فقد تكلم عن أناس تقسّت قلوبهم بمقدار أنهم لم يستطيعوا أن يؤمنوا (اقرأ متّى 13: 15، يوحنا 12: 39 - 41) إذن لنحرص جيداً على ألا ندع يوم الخلاص يفلت منا.
المراجع:
أسكندر جديد، جهنّم في كتب المسيحية والإسلام، الطبعة الاولي، 2010.