تعتبر من أهم الوثائق وأقدمها، حيث تأتي بعد أسفار العهد الجديد، وقد كتب عنها القديس ايريناؤس أسقف ليون
القديس إكليمندس الروماني هو الأسقف الثالث لرومية (روما)، بعد لينوس وأناكليتوس، وقد رسم أسقفا في السنة الثانية عشرة لحكم دوميتيان حوالي سنة 90-92 م.
يقول عنه القديس أيريناؤس: “رأى الرسل الطوباويين وتحدث معهم، كانت كرازتهم لا تزال تدوي في أذنيه، وتقليدهم ماثلًا قدام عينه”.
حياته: (1)
تم نفي القديس إكليمندس الروماني إلى جزيرة القرم من قبل الإمبراطور تراجان إمبراطور روما آنذاك (وهو الإمبراطور الذي أشتهر بعدائه للمسيحية وأول إمبراطور يعلن أن المسيحية ديانة محرمة)، وقد أمر بنفيه بعد أن أرسل إليه مجلس السانتورز بروما بتقريريبلغه فيه أن إكليمندس قد أعتنق المسيحية ويرفض أن يعود مرة ثانية إلى ديانتهم الوثنية، وإمعانا في تعذيبه كلفه الإمبراطور تراجان بتقطيع الصخور وهو هناك في نفيه.
ورغم كل ما تعرض له القديس إكليمندس من نفي وتنكيل ولكن الرب كان معه دائماً، فقد ألتقي في نفيه بحوالي ألفين مسيحي منفي علي نفس الجزيرة فكانوا شعبه الذي يرعاه، حتى أنه وجدهم في حالة عطش شديد من قلة الماء فأخذ القديس يقودهم في صلاة للرب من أجل أن يسقيهم ويرزقهم بالماء إلى أن أرشدهم الرب إلى صخرة ينبع منها ينبوع ماء صافي ليسقيهم منه.
وقد تحول منفاه إلى كنيسة كبيرة تمتلئ بالمؤمنين كما أنه أصبح مكان للكرازة أيضاً فقد أمن الكثير من الوثنيين علي الجزيرة بالرب يسوع المسيح، وكانت هذه الأسباب هي التي جعلت الولاة في روما يستشيطوا منه غضباً ويحكموا عليه بالموت غرقاً وذلك بربط مرساة بعنقه وإلقاءه في البحر، حيث تنيح القديس إكليمندس عام 101م.
رسالة أكليمندس الروماني إلى الكورنثيين (2)
تعتبر من أهم الوثائق وأقدمها، حيث تأتي بعد أسفار العهد الجديد، وقد كتب عنها القديس ايريناؤس أسقف ليون وذلك في القرن الثاني الميلادي "إنها رسالة قوية جِدًّا أرسلتها كنيسة روما إلى الكورنثيين تحثهم على السلام، وتجدد إيمانهم، وتعلن عن التقليد الذي تسلمته من الرسل منذ فترة قصيرة"، وقد اقتبس الكثير من الآباء من بعده من تلك الرسالة. وقد أرسلت كنيسة روما هذه الرسالة إلى الكورنثيين بواسطة ثلاثة أعضاء من كنيسة روما هم كلوديوس، فاليريوس، وفرتناتوس.
ومن نص الرسالة نستطيع أن نفهم أن سبب إرسال الرسالة هو حدوث انقسام ومشاجرات في كنيسة كورنثوس وحدوث تمرد من بعض الأفراد ضد القساوسه، حيث إنهم قد قاموا بعزلهم من عملهم الكنسي، ولذلك كتب إليهم القديس أكليمندس ليحثهم على الصلح والمحبة والتواضع وقد استشهد في رسالته بأمثلة من الكتاب المقدس كما حثهم على أن يتمثلوا بالمسيح ورسله بخاصة بطرس وبولس.
وقد استخدم القديس إكليمندس الترجمة السبعينية التي عرفها غالباً عن طريق الرسول بولس.
من أقوال القديس إكليمندس الروماني:
وحدتنا في جسد المسيح وحدة في حبه.
لماذا توجد بينكم المشاحنات والانشقاقات والخصومات والتناحرات؟
أليس لنا رب واحد ومسيح واحد؟
أليس روح واحد يفيض علينا بنعمته؟
ألسنا جَمِيعًا مدعوون للدعوة عينها في المسيح يسوع؟
فلماذا نمزق ونقطع أعضاء المسيح ونضمر العداء لهذا الجسد ونصل إلى هذه الدرجة من الجنون حتى نسينا إننا أعضاء بعضنا لبعض؟
انشقاقكم أضل كثيرين وأخمد نشاطهم وأثار الشك في قلوب الكثيرين. وأحزننا جَمِيعًا.
إن شخصية القديس إكليمندس تدل على أنه رجل متدين لا ينقطع عن تسبيح الله ويحترمه، ويحترم رعيته كذلك فقد كان أسقفا يدرك مسئوليته وعمله ويتحلى في نفس الوقت بالطيبة والوداعة دون أن يسلبهم حريتهم.
المراجع:
(1) قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية للقمص تادرس يعقوب ملطي
(2) ديونيسيوس أسقف كورنثوس في رسالته إلى سوتير أسقف روما (Euseb. IV: 23).