يحكي عن رجوع اليهود إلى فلسطين بعد السبي البابلي، ويستمد الكاتب معلوماته من سفري الأخبار وعزرا ونحميا مع إضافة بعض الأساطير.
الأسفار غير القانونية المعروفة بالأبوكريفا، كانت من تسمية القديس أيرونيموس في القرن الرابع المسيحي، فهو أول من أطلق اسم الأبوكريفا على هذه الكتابات، ومعناها «الكتب المخبأة». أما أسباب رفض هذه الكتابات فهي:
بها الكثير من الأخطاء التاريخية والجغرافية.
تعلم عقائد خاطئة وتركز على ممارسات تخالف الأسفار المقدسة الموحى بها.
تلجأ إلى أساليب أدبية. وتعرض محتوياتها المصطنعة بأسلوب يختلف تماماً عن الأسفار المقدسة الموحى بها.
تنقصها المميزات التي تنفرد بها الأسفار الصادقة، كالنبوات والأحاسيس الدينية.
ونقدم هنا ملخصاً لكل سفر من هذه الأسفار غير القانونية:
أسدراس (عزرا) الأول
يحكي عن رجوع اليهود إلى فلسطين بعد السبي البابلي، ويستمد الكاتب معلوماته من سفري الأخبار وعزرا ونحميا مع إضافة بعض الأساطير. أهم ما به قصة الحراس الثلاثة الذين كانوا يتجادلون عن أقوى ما في العالم، فقال أحدهم «الخمر» وآخر «الملك» وثالث «المرأة والحق» ووضعوا هذه الإجابات الثلاث تحت وسادة الملك، فلما وجدها دعاهم ليتحاجوا، ووصل الجميع إلى أن الحق هو الأقوى. ولما كان زربابل هو صاحب الإجابة الصائبة، فقد منحه الملك تصريحاً بإعادة بناء الهيكل في أورشليم، كمكافأة له.
أسدراس (عزرا) الثاني
وهو كتاب رؤى يحوي سبع رؤى، وقد تضايق مارتن لوثر من لخبطة هذه الرؤى حتى قال إنها يجب أن تُلقى في البحر!
سفر طوبيا
رواية قصيرة، فريسية في نبرتها، تركز على الشريعة والأطعمة الطاهرة والغسلات الطقسية والإحسان والصوم والصلاة. وتقول إن العطاء والإحسان يكفران عن الخطية. وهذا أكبر دليل على زيفها.
سفر يهوديت
قصة فريسية خيالية بطلتها أرملة يهودية اسمها يهوديت. عندما حوصرت مدينتها أخذت خادمتها ومعها طعام يهودي طاهر وذهبت إلى خيمة القائد المهاجم، فراعه جمالها وعندما سكر قطعت رأسه، وغادرت المعسكر ومعها الرأس في سلة، فعلقوه على سور المدينة، وهكذا انهزم الجيش الأشوري الذي أعوزته القيادة.
إضافات سفر أستير
«أستير» هو السفر الوحيد الذي لم يرد فيه اسم الله. ويقول إن أستير ومردخاي صاما، لكنه لم يذكر أنهما صليا، ولتعويض هذا النقص زيدت صلاة طويلة نسبت إلى الاثنين، كما زيدت رسالتان منسوبتان للملك.
حكمة سليمان
كُتب ليحفظ اليهود من الوقوع في الشك والمادية والوثنية. وهو يتحدث عن الحكمة باعتبارها شخصاً (كما في سفر الأمثال). وفي السفر أفكار كثيرة نبيلة.
حكمة ابن سيراخ
يبلغ مرتبة عالية من الحكمة الدينية، شبيه بعض الشيء بسفر الأمثال، ويحوي نصائح عملية، فيقول مثلاً عن الخطاب الذي يُلقَى بعد العشاء: «تحدث باختصار، فإن ما قل دل. تصرف كإنسان يعرف أكثر مما يقول» ويقول: «استعد فيما ستقوله، فيصغي إليك الناس»، ويستعمل كثيراً في الدوائر الأنجليكانية.
سفر باروخ
يقدم على أن كاتبه باروخ كاتب النبي إرميا عام ٥٨٢ ق.م.، ولكنه يحاول - على الأرجح - تفسير خراب أورشليم الذي جرى عام ٧٠ م، وهو يحض اليهود على عدم الثورة وعلى الخضوع للإمبراطور. ولكن رغم هذه الوصية قام باركوخبا بثورته على الحكم الروماني عام ١٣٢ - ١٣٥ م. ويحوي الإصحاح السادس من السفر ما يسمى «رسالة من إرميا» يحذر فيها بقوة من الوثنية، ولعله خطاب موجّه إلى يهود الإسكندرية.
إضافات على دانيال
وهو الإصحاح الثالث عشر، وأُضيف إليه في القرن الأول قبل الميلاد يحوي قصة «سوسنة» الزوجة الجميلة لأحد قادة اليهود في بابل، حيث يجتمع في بيتها شيوخ اليهود وقضاتهم. وقد وقع في حبها اثنان من القادة وحاولا الإيقاع بها، وعندما صرخت ادّعى الرجلان أنهما وجداها في أحضان شاب، فجاءوا بها للمحاكمة. ولما كان شاهدان قد اتفقا ضدها فقد حُكم عليها بالموت. ولكن شاباً اسمه دانيال قاطع المحاكمة وناقش الشاهدين، سائلاً كلاً منهما على حدة: تحت أية شجرة من الحديقة وجدا سوسنة مع الشاب، فاختلفت إجابتهما، وهكذا نجت سوسنة!
بيل والتنين
قصة أُضيفت في القرن الأول قبل الميلاد أيضاً، وعُرفت بالإصحاح الرابع عشر من دانيال، لتظهر غباوة العبادة الوثنية، وتحتوي على قصتين:
في قصة بيل: سأل الملك كورش دانيال لماذا لا يعبد «بيل» مع أنه يأكل يومياً كباشاً كثيرة وزيتاً ودقيقاً؟ ونثر دانيال رماداً في الهيكل في المساء، وفي الصباح أخذ الملك دانيال ليرى كيف أكل بيل كل ما قدموه له، ولكن دانيال أشار للملك إلى آثار خطوات الكهنة وعائلاتهم الذين جاءوا ليلاً وأكلوا الطعام. فذبح الملك الكهنة وهدم الهيكل.
أما قصة التنين فهي قصة أسطورية. ويمكن أن نقول إنها وقصة سوسنة وطوبيا ويهوديت قصص يهودية خيالية، ذات قيمة دينية قليلة أو بلا قيمة بالمرة.
نشيد الفتية الثلاثة المقدسين
يجيء بعد دانيال ٣: ٢٣ في الترجمة السبعينية والفولجاتا، وهو يقتبس من مزمور ١٤٨، وتكرر ٣٢ مرة العبارة: «سبحوه وعظموا اسمه للأبد»
صلاة منسي
على رغم أنها صلاة الملك الشرير منسي ملك يهوذا. ولعلها كتبت تأسيساً على القول: «وصلاته والاستجابة له... ها هي مكتوبة في أخبار الرائيين» (٢ أخبار أيام ٣٣: ١٩) وقد كتب أحد الكتبة هذه الصلاة.
المكابين الأول
لعله أكثر أسفار الأبوكريفا قيمة، لأنه يصف مآثر الأخوة المكابين الثلاثة: يوداس ويوناثان وسمعان. ويعتبر هذا السفر مع كتابات يوسيفوس أهم مصادر تاريخ هذه الفترة المملوءة بالأحداث من التاريخ اليهودي.
المكابين الثاني
ليس مكملاً للمكابين الأول بل موازٍ له، يروي انتصارات يوداس المكابي، وبه أساطير أكثر من المكابين الأول.
شهادات تاريخية لاستبعاد الأبوكريفا
الفيلسوف اليهودي فيلو (٢٠ ق.م.-٤٠ م) اقتبس من كل أسفار العهد القديم، وذكر التقسيم الثلاثي للأسفار، لكنه لم يقتبس بالمرة من الأسفار المحذوفة على أنها أسفار قانونية!
المؤرخ اليهودي يوسيفوس (٣٠-١٠٠ م) يستبعد أسفار الأبوكريفا ويحسب عدد أسفار العهد القديم ٢٢ كتاباً. وهو لا يقتبس من كتب الأبوكريفا باعتبار أنها أسفار قانونية.
بالرغم من أن المسيح وكتّاب العهد الجديد اقتبسوا مئات الاقتباسات من جميع الأسفار القانونية إلا أنهم لم يقتبسوا بالمرة من هذه الأسفار.
لم يعترف علماء اليهود في جامنيا بهذه الأسفار.
لم يعترف مجمع من المجامع المسيحية الأولى في القرون المسيحية الأربعة بقانونية تلك الأسفار.
كتب الكثيرون من آباء الكنيسة الأولين ضد هذه الأسفار من أمثال أوريجانوس وكيرلس الأورشليمي وأثناسيوس.
رفض القديس أيرونيموس (جيروم) مترجم الفولجاتا هذه الأسفار، ودارت بينه وبين القديس أوغسطينوس مساجلات حولها عبر البحر الأبيض المتوسط! وقد رفض أولاً أن يترجم هذه الأسفار إلى اللاتينية، ولكنه بعد موته أُدخلت هذه الأسفار إلى الفولجاتا نقلاً عن الترجمة اللاتينية القديمة.
رفض الكثيرون من علماء الدين الكاثوليك أسفار الأبوكريفا خلال عصر الإصلاح.
رفض لوثر ومعه باقي المصلحين هذه الأسفار.
لم تدخل هذه الأسفار كأسفار قانونية مقبولة تماماً عند الكنيسة الكاثوليكية إلا عام ١٥٤٦ م في مجمع ترنت. وهو المجمع الذي انعقد ليقاوم حركة الإصلاح.
المراجع:
جوش مكدويل، ثقتي في التوراة والإنجيل، ١٩٨٧.